الحمل والعناية بالطفل

مرحباً بك

مفهوم تكنولوجيا التعليم

تكنولوجيا (Technologia)كلمة إغريقية قديمة ،مشتقة من كلمتين :هما (Techne) وتعني مهارة فنيـة، وكلمة (Logos) وتعني دراسة، ولذلك فإن مصطلح تكنولوجيا يعني تنظيم المهارة الفنية.
أما مــصطلح تكنولوجيــا التعلــيم ،والــذي شــاع اســتخدامه في العــالم الغــربي ،يقابــل مصطلح تقنيات التعليم ،(تقانات) في الوطن العـربي، فهـو مـصطلح حـديث ظهـر نتيجـة الثورة العلمية والتكنولوجية ،التي بدأت عام 1920 ،عندما أطلق العالم فين (Finn)هذا الاسم عليه.
ويمكن أن يصادف الدارس لبعض مـن المراجـع العربيـة والأجنبيـة ،والتـي تعـالج مفهـوم تكنولوجيـا التعليم ،مصطلحين أحدهما الأجهزة أو المكونات المادية) Hardware(، والثاني البرمجيات) Software(، كما تـشير المراجع إلى أن لمصطلح تكنولوجيا التعليم ،والذي يشمل أيضا تكنولوجيا التدريب معنيين مختلفين، ويتوقف معنى الاصطلاح على الفرد الذي يناقش المسألة ،أو على سياق الجدل القائم ،ولكن يجب أن نميز بين هذين المعنيين ،حيث إن لكل منها روابطه ونتائجه.
المعنى الأول ،وهو الذي يؤكد أهمية معينـات التـدريسHardware ،ويرجـع أصـله إلى تطبيـق العلـم الفيزيائي على التربية ،وعلى نسق التدريب، وهذا المفهوم يشيع في معظم المراجع التي تتنـاول التكنولوجيـا التربوية، ويرتبط بهذه النظرة عـلى نحـو وثيـق القـول الـشائع ،بـأن تكنولوجيـا الآلات تتـصل اتـصالا قويـا بتكنولوجيا التدريس ،وأن الآراء التقدمية كثيرا ما ترتبط بملكية أحدث معامـل اللغـة، وآلات العـرض، ومـن المثير للاهتمام أن نلاحظ بهذا الصدد أن الآلة التعليمية ،هي المعـين الآلي الوحيـد ،الـذي اخـترع عـن قـصد وإرادة، لتحقيق وطلب تعليمي، أما المعينـات الـسمعية البـصرية الأخـرى ،والتـي تـشيع ارتباطهـا بالتربيـة والتدريب مثل :التلفاز، وأجهزة العرضProjectors ،وجهاز التسجيلRecord Players،. ..الخ، فقد ابتكرت وطورتلتباع في أسواق غير سوق التربية، ولقد ارتبطـت تطـوراتالأجهـزة والمعـدات Hardware ،بتطـورتكنولوجيـا التعليم، وبهذه الطريقة تمت عملية التدريس على نحو تدريجي ،من خلال تزايد معينات التدريس، وهكذا، فإن هذه التكنولوجيا التعليمية من النوع الأول ،يمكن أن تزيد من تأثيرالتدريس ،دون أن تزيـد عـلى نحـو جوهري من تكلفة الطالب الذي تعلمه.
والمعنى الثاني من التكنولوجيا التعليمية ،يتمثل في إعداد المـواد التعليميـة ،والـبرامجSoftware ،وهـو يشير إلى تطبيق مبادئ التعلم في تشكيل السلوك على نحو مباشر وقصدي، ويلاحظ أن أصـل هـذا النـوع ،يعود إلى تطبيق التعلم السلوكي على مشكلات التعلم والدافعية.
إن هناك نوعين مـن التكنولوجيـا التعليميـة، الأول يتنـاول معينـات التـدريس كـالآلات التعليميـة ،والثاني يتعلق بمعينات التعلم كالبرامج ،وهما يرتبطان وظيفيا أحدهما بالآخر.
أما المفهوم الحـديث للتكنولوجيـا التعليميـة ،فهـو يـستنبط مـن خـلال تطبيقـات أسـلوب الـنظم ،والمنهج النظامي على التعليم والتدريب.

ولذلك فإننا نرى أن من بين الخصائص والسمات المميزة لمفهوم التكنولوجيا التعليمية الجديدة.
أ-أنها تستند إلى أساس تحليلي تصوري.
ب-أنها تعتمد على بيانات ونتائج البحث العملي (الامبريقي )Impirical Research.
ج-أن طبيعتها تركيبية تكاملية.
وهذه كلها في إطار فلسفة شاملة ،تؤمن بأن الطريقة الوحيدة ذات الدلالـة ،والمغـزى في النظـر إلى التنظيم هي دراسته كنظام System ،وهذه النظرة جديدة في التربية والتدريب إلى حد كبير.

ولو رجع كل منا إلى نفسه لـو لحظـة ،لوجـد أننـا قـد تعودنـا كثـيرا ،أن نفكـر أن الأشـياء بوصـفها منفصلة عما تحققه فعلا، فـنحن نميـل إلى التفكـير في الـسبورة، الآلـة التعليميـة، مختـبر اللغـة،بوصـفها وحدات منفصلة الواحدة منها عن الأخرى وعـن النظـام، مـع أن كـلا مـنهما جـزء مـن أجزائـه (النظـام)،وهكذا فإن النظرة الحديثة لتكنولوجيا التعليم ،تركز على أن تكون نظرتنـا كليـة وشـاملة ،تـشمل :العمـل والإنسان ونظام التعلم، وبحيث تحدد كيف يتفاعل كل جزء من الأجزاء المكونة له من الآخـر.
وإذا عرفنــا التكنولوجيــا بأنهــا مــواد، وأدوات، وأســاليب، وتقنيــات ،فــإن تكنولوجيــاالتعلــيم تتخــذ مظهــرا عريــضا ،فهــي تــشمل في الواقــع كــل مــا في التعلــيم تقريبــا، مــنتطور المنـاهج إلى أسـاليب تعلـيم الطلبـة، ووضـع جـداول الـصفوف الدراسـية باسـتخدام الحاسوب، والتركيز على الوسائل التكنولوجية في العملية التربوية كالراديو، والأفـلام، والتلفـاز، والحاسـوب،
والأقمار الصناعية ،والتسجيلات الصوتية، ولا بد من التأكيد على أن تكنولوجيا التعليم تهتم بالغايات، كـما
تهتم بعملية التعليم نفسها.
لذا فالتكنولوجيـا التربويـة هـي نـوع مـن المعرفـة التقنيـة ،أو التطبيقيـة إن جـاز التعبـير،ويـربط التطبيق التربوي بالعلوم السلوكية تماما ،كما تربط العلوم الطبية مثلا ،بين الممارسـات الطبيـة التـي يقـوم بها الأطباء ،وبين العلوم الأساسية ذات العلاقة ،كالتكنولوجيا ،والتشريح والكيميـاء الحيويـة ،فالتكنولوجيـا التربوية إذا هي علم صناعة الإنسان ،وتعنـى بتـصميم البيئـات أو الظـروف ،وفـق المعرفـة العلميـة عـن السلوك الإنساني ،بهدف بناء شخصية ،أو تكوينها التكوين النفسي الاجتماعي المستحب.
ومهما تنوعت التكنولوجيا التربويـة ،وتعـددت صـيغها، فـإن أهـم مـا يميزهـا أنهـا برنـامج للعمـل والممارسة ،اختيرت مكوناته ،ورتبت ترتيبا محددا ،في ضوء منظومة معرفية سلوكية ،تتمتع بدرجة مقبولـة من الصدق العلمي.
وأن أبسط ما يمكن أن تعرف به التكنولوجيـا هـو مـا أشـار إليـه (جلـبرت KGalbirth,1976) ،في مقالـة لمجلة المعلم الطالب "التطبيق المنظم للمعرفـة العلميـة، وتكمـن فحواهـا في تنظـيم المعرفـة ،مـن أجـل تطبيقها في مجالات خاصة، كالزراعة ،والصناعة والتربية.

أما تعريف التكنولوجيا التربوية كما أشارت إليه اليونسكو ،فهـو أنهـا "طريقـة منهجيـة أو نظاميـة، لتصميم العملية التعليمية بكاملها، وتنفيذها وتقويمها، استنادا إلى أهداف محددة، وإلى نتائج البحوث في التعليم والتعلم ،والتواصل من خلال استخدام جميع المصادر البـشرية وغـير البـشرية ،مـن أجـل إكـساب التربية مزيدا من الفعالية."
وبتحليل تعريف جلبرت ،ندرك أن التكنولوجيا ليست أجهزة ومعدات متطورة ،كما يعتقد بعـضهم ،بل هي طريقة منهجية في التفكير ،وأسلوب منظم في العمل ،يتناول جميع العناصر ،التـي تكـون العمليـة التعليمية :المنهاج، والمعلم، والمباني المدرسية، والطلاب، والمواد التعليمية ،ويمكن توضـيح ذلـك مـن خـلال الشكل التالي :

كما أن التكنولوجيا معنية بجميع مراحل النشاط أو العمل ،(مراحل التصميم ثم التنفيذ والتقويم) ،آخذه بعين الاعتبار مبدأ الدمج الفعال بين جميع العناصر، التـي تتفاعـل فـيما بينهـا، لتـؤدي إلى إكـساب التربية مزيدا من الفعالية.
وبالنظر إلى الشكل السابق ،نقصديمثل الجانب دور الإنسان المهم ،بوصفه أحد العنـاصر الأساسـية في العمل ،لارتباطه ببقية العناصر الأخرى ،فلولا الإنسان لما كان للأجهـزة والـبرامج والجانـب النظـري أيـة قيمة ،فهو يقوم بعملية الاختيار والتخطيط.
أما الجانب النظري ،فيقصد به الموضوع) موضوع الـتعلم( ،والفئـة المـستهدفة ،والمـبررات لدراسـة ذلك الموضوع ،والغاية التربوية ،والأهداف التعليمية المحددة.وتمثل تكنولوجيا التواصل النظـام المتكامـل ،الذي يشمل جميع العناصر البشرية وغير البشرية ،التي تتفاعل فيما بينها، لتحقيق التعلم ،والتفـاهم بـين الأفراد والجماعات ،ونقل الثقافة والحضارة من جيل إلى جيل.

والتكنولوجيا طريقة نظامية تسير على نسق المعارف المنظمة ،وتستخدم جميع الإمكانـات المتاحـة ،مادية كانت أم معنوية ،من خـلال أسـلوب فعـال ،لتحقيـق العمـل المرغـوب فيـه ،بدرجـة مـن الفاعليـة والكفاية والإتقان ،ولذا فالتكنولوجيا تؤكد المعاني التالية ،التي يمكن فهمها من خلال النص التي ترد فيه :
1-التكنولوجيا كعمليات Processes ،بمعنى التطبيق النظامي للمعرفة العلمية ،أو أي معرفة منظمة ،لأجل أعراض ومهمات عملية محددة.
2-التكنولوجيا كمخرجات (نواتج) (Out comes) ،وتشمل الأدوات ،الأجهزة ،والمواد الناتجةعـن تطبيـق المعرفة العلمية.
3-التكنولوجيا كعملية وناتج معا :وتستعمل بهذا المعنى عنـدما يـشير الـنص إلى العمليـات ونواتجهـا معا كتقنيات الحاسوب.
يفهم بعضهم التكنولوجيا على أنها مجرد آلات، وبناء عليه ،فإن تكنولوجيا التربية هـي الآلات التـي تــستخدم في التربيــة ،واتــضح هــذا عنــد القــول بــأن تكنولوجيــا التعلــيم "وســائل تولــدت مــن ثــورة الاتصالات"Industrial State, P.24Galbraith, J.K The New. . ،حيـث تـم النظـر إلى الأجـزاء) الآلات( ،التـي تـشكل تكنولوجيا التعليم ،وهذه النظرة للتكنولوجيا ناقصة وغـيركاملـة، فـالآلات مـا هـي إلا رمـوز لتكنولوجيـا التعليم ،وأن مفهوم التكنولوجيا هو التطبيق النظامي العلمي ،أو المعرفة المنظمة للمهمات العملية.
ومن هنا نؤكد أن التكنولوجيا ليـست فقـط آلات وأفـرادا ،وإنمـا هـي تنظـيم متكامـل معقـد مـن الأفراد ،والآلات ،والأفكار، والإجراءات ،والإدارة ،وبهذا المعنى اتسع مـصطلح تكنولوجيـا التعلـيم ،ليـشمل مجالات التطوير، والبحث والتطبيق في التربية والتعليم والتدريب، وعند تطبيق التكنولوجيـا عـلى ميـدان التربية والتعليم ،تصبح عملية متكاملة معقدة ،لتحليل المشكلات ،واستنباط الحلـول ،وإدارتهـا ،وضـبطها ،وتقويمها.
ومن التعاريف التي تتميز بالطابع الإجرائي ،أن تكنولوجيا التعليم برنامج عمـل ،يحـوي التعريــف ،والتطــوير، والإنتــاج والتقــويم ،ففــي مجــال التعريــف ،يــتم تحديــد الأهــداف ،وصـياغتها الـصياغة العلميـة الملاحظـة والمقيـسة، وفي التطـوير يـتم تحديـد الإسـتراتيجيات،وطرائق العرض ،والأدوات المناسـبة ،والتـي يـتم مـن خلالهـا تحقيـق الأهـداف ،وفي التنفيـذ يتم نقل المادة من على الورق إلى العمل الفعلي ،وتنتهي العملية في التقويم النهائي التكـويني ،الـذي يـتم من خلال التحقق من صحة البرنامج ،وتقويمه ،أو إعادة صياغته.
فتكنولوجيا التعليم ،تشمل تحليل عملية التعلم ،وطرائقـه ،وفنونـه ،وتنظيمهـا ،ومـن ثـم تقويمهـا ،بحيث تنتج عند استخدامها ،والانتفاع بها ،بيئة تعليمية صالحة ،لإحداث تعلم أفضل.